إطلاق المؤتمر التربوي المقاصديّ تحت شعار واقع وآفاق التربية المقاصدية للعقد المقبل
أطلقت جمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في بيروت أمس الخميس الواقع في 3 شباط المؤتمر التربوي المقاصديّ العام في سنة 2010 تحت عنوان "واقع وآفاق التربية المقاصديّة في العقد المقبل" تم ذلك في جلسة إفتتاح حضرها سماحة مفتي الجمهوريّة الدكتور محمّد رشيد قبّاني ووزير التربيّة الدكتور حسن منيمنة ولفيف من الوزراء والنوّاب والفعّاليّات التربويّة والثقافيّة والإجتماعيّة في لبنان.
في البداية تحدث رئيس لجنة التربية في المقاصد معالي الدكتور خالد قبّاني فقال إنّ إستراتيجية المقاصد هي إستراتيجية بناء الإنسان والتربية هي المدخل إلى بناء الإنسان والأوطان وإستراتيجيتها علم نوعي متفوق ومتميز يصقل عقل التلميذ ويغذيه بالمعارف والمعلومات ويبلور طاقاته وقدراته الفكرية والذهنية وإستراتيجيتها أن تؤمن للطالب تكنولوجيا المعلومات ودمج التكنولوجيا في عملية التعلم وتوفير الأستاذ الجيد والمناهج التعليمية التي تتلاءم مع أحوال العصر والبنيان المدرسي السليم والبيئة التعليمية المناسبة والمؤاتية ومكننة نظام الإدارة المدرسية وتعليم اللغات الأجنبية الحيّة بما يكفل للطالب التواصل مع العالم والتفاعل مع علومه وأفكاره وثقافاته.
وأضاف إنّ إستراتيجية المقاصد هي التعاون مع التعليم الرسمي الذي تتولاه الدولة، بوصفها صاحبة القرار الوطني التربوي والمشاركة بفعالية تحت علم لبنان ومع المؤسسات التربوية اللبنانية الخاصة، في البناء التربوي إلى جانب الدولة وتؤمن المقاصد أن القطاعين التربويين العام والخاص ليسا قطاعين متعارضين أو متنافسين ولكنهما يعملان معاً بالتعاون والتنسيق في قيادة قطار التربية الوطني وأضاف نحن نريد علماً لأولادنا وناشئتنا لا يكون من جهة خدمة للخارج أو مصدر تصدير لهم للخارج هرباً من حرب أو فتنة أو بطالة بل علماً يربط اللبناني بأرضه ووطنه ولا يكون من جهة ثانية، محل او مصدر انقسام في الداحل، يحرض على التباعد والتقاتل بل علماً يؤسس للتماسك والتضامن الاجتماعي والوطني
وتحدّث معالي وزير التربية الدكتور حسن منيمنة فقال إنّ المقاصد ضربت جذورها في ضمير بيروت منذ أكثر من مئة عام وأعرب عن ترحيبه بالمؤتمر التربوي الهام الذي يخطط للمستقبل.
وقال إن سلسلة المؤتمرات المقاصديّة تشكل دليلا يكون التخطيطأناً ساطعاً على حيوية متجددة من أجل إعادة إحياء مكامن القوة المعهودة لدى هذه الجمعية العريقة في مجال الرعاية الإجتماعية وفي التربية ولاسيّما أنّها تتطرق إلى مواضيع حساسة في مجال التربية كتطور أنظمة الإدارة المدرسية وفعاليتها وإدخال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في القطاع التربوي وارتباطه بإشكاليات الحداثة والتغيير هذه الإشكاليات التي نطمئن إلى التطرق إليها من قبل المقاصديين أصحاب التاريخ العريق في التوازن والإنفتاح والإعتدال ومن قبل جمعية إبتكرت رابطاً سحرياً بين الرعاية الإجتماعية والعمل التربوي حتى تعدت نشاطاتها حدود العاصمة التي ولدت من رحمها لتصل إلى أبعد القرى اللبنانية على مساحة الوطن
ودعا المقاصد لتحديد موقعها المستقبليّ في مجال التربية اللبنانية مدرسةً وجامعةً وآمل بمساهمة أكبر وتدخل أهم في النسيج التربوي اللبناني المتنامي إنسجاماً مع المسؤوليّة التاريخية التي تقع على عاتقها وقال إنّه ينتظر من سلسة المؤتمرات التأمل العميق والناقد لواقع التربية المقاصدية وتجربتها بعد كل هذه السنين وإلى التطلع نحو آفاق العقد المقبل.
وألقى رئيس جمعية المقاصد المهندس أمين الدّاعوق كلمة أكّد فيها أن مجلس الأمناء في الجمعيّة أعاد حديثا صِياغَة الرؤيا والرسالة المقاصديتين ليُعطيَ المقاصديين توجهاً أقوى وتفهماً أعمق لجمعيتهم. وتنص الرؤيا على إنّ جمعيةُ المقاصد هي رُكنٌ من أركان المجتمع الإسلامي في لبنان تَرعى وتَحتضن أبناءَ المجتمع وتُسهمُ في بناء إنسانٍ مميَّز ومواطنٍ صالح مؤمنٍ بالقيم الإسلامية السمحاء التي تدعو إلى الصُلح والعدل والاعتدال" ورسالة المقاصد مُستوحاةٌ من رؤية المؤسِّسينَ التي تؤكدُ على تنشئةَ الإنسان على العلم وتربيتَه على التسامح والعدل والاعتدال والقيمِ الإسلامية متمسكاً بوطنيته وعروبته ومنفتحاً على العالم وثقافاتِه.
وأضاف إنَّ المواردَ الأهم في لبنان لضمانه واستمراره هي المواردُ البشريةُ فيه الفردُ اللبناني معروفٌ بتجدده وبتنوّع الثقافات والعلوم لديه وبتعدد المعتقدات الدينية والسياسية في بيئته هذا التنوع جعل المواردَ البشرية اللبنانية غنيةً جداً وثرية من حيثُ الكفاءاتُ والثقافاتُ والعلمُ والتأقلم فنرى اللبنانَّي يحتلُّ أعلى المراكز في كلِّ العالم ويقومُ بأكبرِ المشاريع كما يرأَسُ الدول وينْبغُ في الثقافة والأدب هذا هو الإرثُ الذي علينا أن نُطورَه ونخدِمَه ونجعله فعّالاً وكُفْؤاً كي يبقى لبنان ... وسيبقى لبنان .
وقال هذا الإرث يُطَّور ويَقْوى في المؤسسات غير الحكوميّة في الوطن والتي تبقى الضمانَة الكبيرة وإننا ننتظر من الدولة يا معالي الوزير والسادة نوابَ الامة أيماناً أعمق بهذه المؤسسات التي تعمل إلى جانبها لترفعَ من المستوى وتحافظَ على المكانة المرموقة للبنان وعليها ايضا بالمقابل العرِفانُ بذلك والتأكيدُ والمحافظةُ على استمرار عَمل هذه المؤسسات ودعمِها ... وأقلُ ما فيه مكافأتُها ومساعدتها على النموِ والتوسع. فهي تساعدُ الدولة ... ويجبُ أللاّ تُعتبَرَ بديلا منها أو منافساً غيرَ شريف.
وأضاف اليوم يبدأ في المقاصد المؤتمرُ التربويُّ العام وقد سبقَتْه مؤتمراتٌ تربويةٌ تخصصية عديدة أردنا أن نقدِّمَه إلى مجتمعنا كي نؤكدَ على مدى ملازمتِنا رسالتَنا وإلى مدى امتدادِ تِقنياتِنا وحداثةِ إدارتنا وعمقِ ارتباطِنا بالمبادئ العروبية والإسلامية والعلمية تتميز المقاصد في أدائها بعمقِ التواصل في المجتمع والاستجابةِ لاحتياجاته وتوفيرِ أفضلِ مستوياتِ الجُودة والإتقان تحققُ المقاصد رسالتها من خلال الإدارةِ الحديثة المتجددة وتنميةِ مواردِها البشرية في إطارِ ثقافةٍ متطورة مبنيةٍ على الرؤية المقاصدية.
تحدّث الدكتور كامل الدلاّل مدير إدارة الشؤون التربويّة في كلمته عن أهداف المؤتمر التربوي المقاصدي العام، وأسباب انعقاده وهي للاطلاع على ما يحدث في المقاصد على المستوى التربوي ولعرض ومناقشة ما تم التوصل إليه في عملية التطوير من خلال ثلاثة مؤتمرات متخصصة يهدف الأول إلى تعريف النظامَ التربويّ المقاصديّ ويهدف الثاني إلى تقويم تطبيق "نظام الإدارة المدرسيّة المقاصديّة" أما الثالث فسيقدّم عرضًا دقيقًا مفصّلا لِما توصّلت إليه جمعية المقاصد على صعيد إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى البيئة المدرسية بكافة عناصرها.
كما تحدث عن المنهجية العلمية التي اعتمدت في عملية التطوير التي طالت النظام المدرسي المقاصدي وحددت معالمه للعقد الثاني من القرن الواحد والعشرين والتي تُلخَّص بثلاث خطوات هي تحديد مخرجات النظام التربوي ومناهجه أي مناهج نريد لأي متعلّم في القرن الواحد والعشرين وتحديد آليات قياس مدى انجاز الأهداف المتوقع تحقيقها، تحديد المعايير الدولية التي يمكن القياس استناداً إليها.
ومن ثم قام بقراءة الرؤيا التربوية لجمعية المقاصد التربوية التالية تحقيق نهضة تربويّة في المجتمع عمادها قيمُ الدين الإسلامي السمحِ واحترامُ كرامة الإنسان وحقوقه والعملُ على توفير تكافؤِ الفرص في التعلّم والوصول إلى التميّز الأكاديمي وبناء الشخصيّة القادرة على النجاح ومواجهة التحدّيات المستقبليّة في وطن متنوع ثقافيًا وفي عالم سريع التطوّر.
ثم كانت للسيدة سهير زين مديرة مركز الأبحاث والتطوير التربوي في إدارة الشؤون التربويّة كلمة أوضحت فيها أنّه وسط زحمة العناوين والإشكاليات والنظريات التربويّة كان لا بدّ لجمعيّة المقاصد من أن تسعى كما سعت دائماً إلى توثيق وتطوير النظام التربويّ المقاصديّ الذي يتّسم بقيمة مقاصديّة مضافة تعكس مضامين الذاكرة المقاصدية وما اختزنته من مبادئ وغايات ورؤى مستقبلية سامية ونبيلة.
وعن المرحلة الحالية وما نحن بصدده الآن من خلال هذا المؤتمر المقاصديّ الأوّل لفتت السيدة زين إلى أنّ تطوير النظام التربويّ خطا خطوات عدّة، بدأها بإعادة قراءة الرؤيا والرسالة تلاها تحديث السياسة والفلسفة التربويتين وتبعها أيضاً عملية تحديد ورسم ملامح وسمات المتعلّم المقاصديّ المؤمن بالله والملتزم قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف والمثل العليا للهوية العربية والمقدر للأديان السماوية كافة والمتكيف مع متغيرات العصر والمتمثل التفكير العلمي الناقد.
وتحدّث الأستاذ محمّد المشنوق عن التطوّرات في نظام الإدارة المدرسيّة المقاصديّة، فأكّد أنّ المقاصد تمكّنت من ترسيخ هذه الإدارة في المدارس من خلال إعطاء القيادة المدرسيّة صلاحيّاتٍ واسعةً ومن خلال تحديدِ أطر العلاقات المرجعيّة مع الإدارات المركزيّة بصورة دقيقة كي تتمكن القيادة في المدرسة من تحمّل مسؤوليّة النهوض بدورها ومهّامها بما يتناسب مع التخطيط الإستراتيجي الذي تضعه والخطط السنويّة ومعايير النجاح القابلة للقياس.
وقال إنّ النظام يتألّف من دليل إجرائيّ وثمانية أنظمة وأدلّة افرادية لكل مركز في الهيكلية التنظمية المدرسية وتغطي الجوانب التخطيطيّة الادارية الموارد البشريّة وشروط التوظيف الامن والسلامة، الاعلام والتقييم في الإدارة المدرسيّة. وقد وضع هذا النظام قيد التطبيق التجريبي في العام الماضي وفي ضوء نجاح الفترة التجريبيّة دخل النظام مرحلة التطبيق الفعلي في العام الدراسي 2009 -2010 .
ومن ميزات هذا النظام أنّه يتلاءم مع معايير الجودة العالميّة ويقدّم للمدارس فرصة التقدّم بطلب الحصول على شهادات الجودة من المؤسّسات التربويّة الدوليّة المميّزة. وإذ يجري الآن إستكمال التطوير في المجالات كافّة فإن بالإمكان مستقبلاً طرح النظام المقاصدي على الصعيدين العربي والدولي لشبكة مدارس ذات نظام مدرسي عالميّ واحد قادر على الإستجابة لتطوّرات الحداثة التربويّة وظروفها.
وتحدثت الآنسة عدلا شاتيلا مديرة إدارة شؤون تكنولوجيا المعلومات عن أهمية الدور الذي لعبته عملية إدخال تكنولوجيا المعلومات في إنجاح إعادة هيكلية التنظيم الإداري للجمعية في العام 1998 توصلا إلى إعتماد مبدأ الإدارة الذاتية في المدارس وتطرقت إلى التحول الذي حصل في مفهوم إدخال التكنولوجيا في القطاع التربوي من إقتناء للكمبيوترات والبرمجيات وتعليم مادة المعلوماتية إلى نهج تحويل المدرسة المقاصدية إلى مؤسسة تعليمية.
ومن أهم أسباب نجاح الخطة إلتزام الجمعية بتوفير الموارد اللازمة والعمل من خلال فريق متخصص في شؤون تكنولوجيا المعلومات ساهم في نشر ثقافة المعلوماتية وتطبيق نظام الإدارة المدرسية بشكل فعّال داخل المدرسة.
أما عن الإنجازات التي ستعرض في المؤتمر الثالث في 19 و 26 آذار المقبل فجاء ابرزها بناء شبكة معلوماتية متطورة تربط المدارس بعضها بعضا وبالإدارات المركزية الداعمة للحصول على البيانات المجمّعة على مستوى المدارس Consolidated database وتسهّل عملية التواصل بين المدارس والإدارات والمعلمين والتلاميذ والأهل وربط هذه الشبكة بنظام الإدارة المدرسية الممكنن SIS المعمول به في جميع مدارس الجمعية في بيروت والقرى إضافة إلى قيام إدارة شؤون تكنولوجيا المعلومات بتدريب معلمي مرحلتي الروضات والتعليم الإبتدائي على ربط النظريات التربوية بتكنولوجيا التعليم وعلى إستخدام مهارات إستعمال الكمبيوتر داخل الصف كما تم إدخال الـ Interactive board إلى الصف وبدئها باستخدام تقنية E-book في مادة المعلوماتية ومن ثم في مادة التربية الإسلامية.